علمي طفلك صفة الكرم

علّمي طفلك صفة الكرم

يعتبر البعض أن تعليم الطفل صفة الكرم غاية في الصعوبة خصوصاً في سن الطفولة التي يميّزها حب التملك والأنانية والغيرة في بعض الأحيان. ولكن، يؤكّد الاختصاصيون أن غرس صفة الكرم في الطفل يتوقّف على طبيعة تعامل الأسرة مع الآخرين، والأهم طريقة تعامل أفراد الأسرة في ما بينهم..

الرياض ـ فاطمة عمر

تشرح الإختصاصية الاجتماعية غادة سيف «أنه عندما نتوغّل في أعماق الطفل، نستطيع أن نلمس صفة الكرم والقدرة على التعاون مع الآخرين». وتضيف: «توجد هاتان الصفتان على مستويين: الإستعداد الطبيعي والفطري للإستجابة بإظهار العاطفة لأي مشاعر ودودة توجّه للطفل. ويمكن ملاحظة ذلك منذ الشهر الثاني لميلاده إذ نجده يبتسم بسعادة بالغة عندما يداعبه الكبار. وإذا ما شعر أن كل من حوله يحبه فهو يتفاعل مع هذا الحب ويكن مشاعر صافية من المودة تجاه المجتمع المحيط به، ويمكننا أن نرى ذلك في محاولة الطفل الذي بلغ ثمانية عشر شهراً أن يطعم أمه بعضاً من طعامه بنفس الطريقة التي تطعمه أمه بها. هذا هو المستوى الأول من الحب وهو جانب فطري يمكن تنميته ليكون واقعاً سلوكياً».

طاقة العطاء

وتوضح «أن المستوى الثاني يعتمد على خيال الطفل الذي يمكنه اكتشاف أنه محبوب، وأنه يملك طاقة عطاء الحب لينتقل بعدها من حالة الخيال العاطفي إلى الترجمة العملية لهذه العواطف في الدائرة الإجتماعية الأوسع، وهذا ما نسميه اكتساب القدرة على العطاء، علماً أن هذا الكرم المبكر في الطفولة يكون محدوداً وعفوياً حتى العام الثالث، فالطفل قد يشارك غيره من الأطفال في بعض من لعبه، ولكن هذا الكرم قد ينقلب إلى نقيضه!».
وينصح الآباء والأمهات بتعزيز الجانب الدافئ والإنساني والكريم في طبيعة أطفالهم خلال السنوات الثلاث الأولى من أعمارهم، فهذه السنوات تنطوي على مشاعر مختلفة ومختلطة. فالطفل في هذه المرحلة يفعل الشيء ونقيضه بدون وعي أو تفكير مسبق، إلا أن الفطرة الأولى إن أحسن تقويمها تغلب على تصرّفاته.

دور الأسرة

وخلال السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل، يمكن للآباء أن يقوموا بخطوات فعّالة وواعية لترسيخ عادات الكرم لدى أطفالهم، ويجب أن يتيحوا الفرصة للطفل أن يساعدهم في بعض أعمال البيت البسيطة. وعندما يفعل ذلك،
لا بد من إظهار الشكر والعرفان له لأن الطفل يمكنه أن يحس بقيمة هذا الشكر ليتفاعل مع الأسرة في المرّات المقبلة .ويمكن للأم أن تطلب من الطفل ذي العامين أن يحضر لها أي شيء يمكن أن يحمله من مكان قريب، وسيقبل هذه المهمة على أنها رسالة سامية يؤدّيها.
وإذا عصى الطفل أمراً أو طلباً من أمه أو أبيه، يجب ألا نجبره على فعل ذلك، ولكن على الأب أن يتصرّف بجدية شديدة وأن يتّجه إلى تنفيذ الفعل المطلوب، ويعلن أنه كان سيفعله بطريقة أفضل لو ساعده ابنه الصغير في أداء هذا العمل! فالأب بمثل هذا القول يستثير همّة الطفل، وهذه طريقة فعّالة لتوليد العاطفة الإنسانية، ومد يد المساعدة للآخرين عندما يحتاجونها.

المنافسة على
حب الوالدين

وبعد بلوغ الطفل عامه الثالث، تحس الفتاة بمشاعر متوقّدة نحو أبيها، ويشعر الصبي بذلك نحو أمه. وهنا يمكن للأب أن يعلّم الفتاة الصغيرة كيف تعتني بنفسها، وتعلّم الأم ابنها كيف يساعدها في أعمال البيت. ويمكن للأب أن يفخر بالإبن الذي يساعد أمه في أعمال البيت، لتفخر الأم بالبنت التي تساعد والدها وتهتم بشؤونه.

5 نصائح

1 كوني له قدوة: يسعى طفلك أو طفلتك إلى تقليدك، وحينما يلاحظ كرمك فإنه سيحاول أن يتبّع السلوك عينه، فلا تتردّدي في توضيح قراراتك الخالية من الأنانية.
2 إلفتي نظره إلى احتياجات الآخرين: إبدئي بتعليم طفلك كيف يفكّر ويهتم بالأصدقاء وأفراد العائلة. فعندما يطلب مثلاً نوعاً من الطعام أو الحلوى، يمكنك أن تقولي له: «إعلم أن صديقك يحب هذه الحلوى أيضاً، فما رأيك أن تقتسمها معه».
3 أوضحي له الأسباب: إن تأنيب الطفل بأسلوب حازم وغير قاس إذا سلك سلوكاً أنانياً سيعلّمه موقف العائلة من الكرم. ويمكنك القول، على سبيل المثال: «أنا لا أحبّذ أن تحتفظ بكل الألعاب لنفسك فقط! في عائلتنا نقوم بالمشاركة، لذا من فضلك اسمح لأختك باللعب ببعض ألعابك»، مع مراعاة عدم استخدام أسلوب العقاب لأنّ ذلك سيجعله أكثر تحدياًً.
4 كافئيه على كرمه: إمدحي طفلك في كل مرّة يبدي فيها بعض التصرّفات التي تدل على الكرم، ونتيجة لذلك سيحس بأنه قد كسب احترامك، وأنه قد جعل الآخرين أكثر سعادةً، وسيصبح في ما بعد كريماً بطريقة ما على طبيعته.
5 أشركيه معك في أعمال تطوّعية لكي تعلّميه الكرم على مستوى المجتمع الذي يعيش فيه، وليرى مدى سعادة الناس الذين تقدّم لهم هذه الأعمال. وإذا رغب طفلك في المشاركة في حملة تبرّعات لأعمال خيرية، شجّعيه على ذلك وأوضحي له بأنك فخورة بعمله التطوّعي.

الموضوع جميل لكنه هام للآباء